برأي باحث في علم النفس الاجتماعي يدعى "جورج هربرت ميد"، أن الإنسان يمر بثلاثة محطات كي يصبح اجتماعيا: مرحلة الإعداد، مرحلة التحضير، ومرحلة الفعل.
يبدأ الإنسان دوره اجتماعي
بسيطا مع الأهل في المرحلة الأولى:
يبدأ الإنسان دوره اجتماعي بسيطا مع الأهل عبر جملة الإرشادات والأوامر والنواهي، ثم وخلال هذه المرحلة يدخل طورا اجتماعيا أوسع مع الرفاق والأقارب، بعدها يتوسع رويدا رويدا في عالم اتصالاته عندما يجاري الآخرين فيما يقال له وفق ما في المرحلة الثانية: يتبلور الدور الاجتماعي أكثر فأكثر عندما يصبح عضوا في فريق رياضي مثلا أو في حزب أو ناشطا في منظمة اجتماعية، هنا يبدأ بوعي موقعه الاجتماعي في نظر نفسه وفي نظر الآخرين من خلال المهمات/ الأنشطة التي يجب أن يؤديها أو المسؤوليات الملقاة على عاتقه.
في المرحلة الثالثة: يدخل الإنسان مرحلة الدور الاجتماعي المشارك عبر فهم الواجبات المتطلبة منه دون أن يقول له أحد ذلك، وكي ينجح في تحديد موقعه الاجتماعي يجب أن يبقى على تواصل مع الآخرين والمشاركة في مناسباتهم.
وبالسياق ذاته كثيرا ما تشدد دراسات علم النفس الاجتماعي على أهمية المشاركة الاجتماعية لناحية التنشئة والإعداد ولعب الأدوار وتقدير المكانة، ومما لا زلت أحتفظ به من سنواتي الجامعية الأولى مقرر علم النفس وأخصها تلك المحاضرات التي تدور حول مواضيع نفس اجتماعية مثل:
التكيف/ التفاعل/ التسهيل/ السلوك/ الاتجاهات/ القيم/ المعايير وغيرها من المفاهيم التي تساهم في بناء شخصية اجتماعية ونفسية متوازنة. ومما دونته في هذا الصدد عن أستاذي الدكتور "محمد شحيمي" سؤاله:
من هو الرجل الناجح اجتماعيا؟ هو- برأيه- من يتمتع بالمواصفات التالية:
1- من لا يضره النجاح ولا يقتله الفشل.
2- يتسم بالهدوء والسلوك المتوازن في مجتمعه إذا ما جوبه بتيارات رافضة.
كيف تعالجون المشاكل؟!
3- يعالج المشكلات بروية وبمنطق وعقلانية.4- يسيطر على أعصابه في المواقف الصعبة والحرجة.
5- يضحي ببعض الرغبات الشخصية لمصلحة الآخرين الاجتماعية.
6- يعيل نفسه اقتصاديا دون الحاجة يكون عالة على أحد.
فيما يلي نقدم اختبارا اجتماعيا حاول تجيب عليه لتختبر مدى قدرتك على لعب دور اجتماعي مشارك:"تسكن في إحدى الأبنية فجأة سمعت جارك في شجار عنيف مع زوجته، ثم أخذ النقاش يحتدم إلى درجة أصبح مهددا لحياة أحدهم بالقتل، ما هو موقفك حينئذك هل تعمد إلى (1) الاتصال بالشراطه أو (2) تذهب إليهما وتتدخل في شؤونهما: أي دور فعلي يمكن أن تلعبه إزاء حالة نزاع بين اثنين؟
لنفرض أنك اتصلت بالشرطه ثم أدرك جارك فيما بعد بأنك المتصل كيف ستكون معاملتك معه، ماذا تتوقع ردة فعله؟هل تعتقد أنك شاركت بواجب؟ ماذا يسمى هذا الواجب: اجتماعي/ أخلاقي/ قضائي/ أمني/ إنساني؟
ماذا سيكون موقفك في حال استدعيت للمحكمة، في وقت ترفض أنت أن تكون في موقع الشاهد؟
كيف توفق بين دورك كمخبر، ودورك كشاهد؟
لنفرض أنك تخليت عن فكرة الاتصال بالشرطة وقمت بزيارته للاستفسار عن سبب الخلاف ماذا تتوقع منهما:هل الجيران أولى بحل الخلافات؟!هل سيسمحان لك بالتدخل في شؤونهما وإن لم يسمحا ماذا تفعل عندها؟
هل ستبادر- بالقوة- إلى التدخل وفض النزاع دون استئذانهما؟
هل تعتقد أنه يجب ترك الناس وشؤونهم؟ فيما لو تركنا الناس لحالها من سيساعد من؟
هل الجيران أولى بحل الخلافات والتدخل: أي دور تلعبه هنا:1- تتدخل بشكل مباشر.
2- تتدخل بشكل غير مباشر(كيف).
3- لا تتدخل أبدا (لماذا).
هذا لا يعني أنه ملزم عليك الانصياع والاتزام فيما يطلب أثناء المشاركة الاجتماعية بل لك حقوق تستحقها كإنسان حر التفكير: لك الحق مثلا بأن ترفض حل مشاكل الآخرين، لك الحق بأن تطلب من غيرك أن يغير تصرفه إذا كان هذا التصرف يضر بك، لك الحق بأن لا تحب أو تحب الآخرين، لك الحق بأن تقول لا! ولكن ليس لك حق أن تتعالى على الناس، تتحيز، تتعصب، تميزهم حسب جنسهم، هويتهم، دينهم، عرقهم، عاهاتهم، فمثل هذه التحيزات قد تكون مدمرة لأية علاقة اجتماعية، لأن الشخص جيد التكيف- بحسب بعض الدراسات- هو من يميل لأن يكون في صحبة مجموعة، يقيم صداقات، ويشارك في أكثر من نشاط، ويشعر بأنه مقبول من الغير وكيفية تقبله هو بالتالي من قبل الآخرين.